الجوع والقتل يسيطران على الفاشر.. ناجون يروون الواقع من الداخل

المراقب العراقي/ متابعة..
ما تزال مدينة الفاشر التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية، تعيش أوضاعاً مأساوية في ظل استمرار عمليات القتل والتهجير، والمصير المجهول الذي تواجهه آلاف العوائل هناك.
ونظراً للأوضاع المأزومة في العاصمة التأريخية لإقليم دارفور، يسعى الكثير من السكان إلى الخروج من المدينة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، إلا أنها أغلقت منافذ خروج المواطنين من الفاشر، واستخدمت سلاح المال مقابل النزوح إلى خارجها وسيلة للسماح للفارين من الأوضاع المعيشية والأمنية داخل المدينة، مما ساهم في معاناة المواطنين المعيشية، في ظل نقص المعينات الأساسية من مياه وغذاء وصحة.
ووصف نازحون إلى الولاية الشمالية في تصريحات صحفية الأوضاع المعيشية بالكارثية، في ظل انعدام السيولة النقدية لدى المواطنين. وتحدث آخرون عن فصل الدعم السريع الفارين من الفاشر حسب الجنس والهوية العرقية، حيث احتجزت العديد منهم للحصول على فدية بمبالغ تتراوح أدناها بين 5 ملايين و30 مليون جنيه سوداني (الدولار = نحو 3700 جنيه).
كما تعمدت جماعات الدعم السريع في المدينة، التي انقطعت عنها كل سبل الاتصال والتواصل مع الجهات الخارجية، استخدام سلاح التجويع وإغلاق التكايا والأسواق وسبل كسب العيش البسيط الذي كان يعتمد عليه المواطنون في معاشهم اليومي، وذلك وفقاً لإفادات عدد ممن نزحوا إلى مدينة طويلة التي تبعد أكثر من 60 كيلومتراً عن الفاشر.
ويقول أحد الفارين: “واجهنا أنواعاً من التعذيب والتجويع والقهر والقتل، ولم تسلم حتى عربات الكارو التي تجرها الدواب ويستخدمها كبار السن والأطفال في النزوح”.
وأضاف: “قتلوا الدواب وأحرقوا الأشجار ومنعونا من الخروج، بعد أن نهبت الجماعات المسلحة ما تبقى لنا، ووصلنا إلى معسكر مدينة طويلة ونحن لا نملك أي شيء”. وتقول المواطنة، ست النفر محمود، إنها وأطفالها استطاعت الخروج الخميس الماضي بعد أن ساءت الأوضاع في المدينة.
وتضيف، “أصبحت الفاشر مدينة للأشباح، الحركة فيها محفوفة بالمخاطر، وممنوعة في معظم الأحيان، وجرى تدمير كل الخدمات الأساسية، خاصة تلك التي تختص بالمياه من خزانات، وأخرى كانت تقدم الطعام للمواطنين “تكايا”، وجرى إغلاق الأسواق، وأصبحت الحياة صعبة خاصة للأطفال والمسنين. ومع ذلك لم تسلم منازلنا من النهب والسرقة”.
وبحسب ست النفر: “كثير من مواطني الفاشر غادروها، وما تبقى منهم هم الذين نزحوا إليها من المعسكرات التي جرى تدميرها مؤخراً”.
أحد مسؤولي التكايا في الفاشر، وهو محمد عثمان، يقول، كانت التكايا الملاذ الوحيد الذي يعتمد عليه المواطنون في الفاشر، وبعد دخول المسلحين جرى تدمير كل المعينات التي تقوم عليها التكايا، وإيقاف بعضها، وقتل كثير من الذين يقدمون الخدمة، وبذلك تعمد المسلحون قتل الناس جوعاً، على الرغم من أن التكايا كانت تقدم للناس وجبة واحدة في اليوم، وأحياناً ولعدم توفر المياه وحطب النار، نوزع ما يتوفر للمواطنين من خضراوات دون طبخها. وقال، إن “المسلحين يزعمون أن التكايا جزء من منظومة تعمل مع الجيش”.
يقول نازحون، إن قوات الدعم السريع مازالت تجبر المواطنين على دفع مبالغ مالية كبيرة تصل إلى ملايين الجنيهات للسماح لهم بمغادرة الفاشر، كما أنها تعمل على التفتيش الشخصي للنساء، للحصول على الأموال أو المجوهرات أو أجهزة اتصال.
وتروي المواطنة عائشة إسماعيل معاناتها وبناتها في الخروج من الفاشر، وتقول: “لم نكن نتوقع أن يقوم أفراد من الدعم السريع بالتفتيش وانتهاك أعراض النساء للحصول على المال والذهب”. ووفق شهادة عائشة: “كل الفارين لا يمتلكون شيئاً، بعد أن أنهكهم الجوع والعطش، وعدم وجود الرعاية الصحية”.
وأضافت: “أن الأمور خرجت عن السيطرة حيث تعمل الجماعات المسلحة على مقايضة النساء للسماح لهن بالمغادرة بترك إحداهن نظير السماح للأخريات بالخروج إذا لم يدفعن مالاً”.



