اخر الأخبارثقافية

مرض “المحاباة” يصيب لجان تحكيم مسابقات الخط العربي

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي..

يرى الخطاط وسام شوكت، ان مجتمع الخط العربي يعاني من بعض المشاكل الكبرى والتي تتجلى بشكل أوضح في بيئة الخطاطين، وما يرتبط بها من مشاركات في المعارض والمسابقات والملتقيات، فكل فعالية خطية كبيرة تحتوي على لجان للفرز أو التحكيم أو التنظيم، غالبًا ما تُصاب بآفة “الشلل” وهذه حالة غير صحية، لأنها تُضعف المستوى، وتشجع على المحاباة، وتُجرّد الفعاليات من نزاهتها وصدقيتها.

وقال شوكت في تصريح خص به “المراقب العراقي”: “حين تتحكم المحاباة و”الشلل”، يصبح الحكم على الأعمال مرهونًا بالانتماءات والعلاقات الشخصية، لا بجمالية الحرف ولا بقيمة الجهد المبذول، بعض المحكّمين أو القائمين على الفعاليات قد يتأثرون بخصوماتهم أو انتماءاتهم، فيقصون عملًا جيدًا لمجرد أن صاحبه لا ينتمي إلى جماعتهم، أو يُدخلون عملًا آخر دون جدارة، لأنه قريب منهم، وهنا تفقد النزاهة معناها، وتُصبح العلاقات الشخصية هي المعيار، بدلًا من أن يكون الحرف والفن هو الأصل والمقياس”.

وأضاف: ان “من أبرز مظاهر هذه الظاهرة، هو الخوف المرضي من المنافسة، فبعض المسؤولين عن اختيار المشاركين في المعارض أو الفعاليات، بدل أن يبحثوا عن الأفضل والأجدر، يلجأون إلى إقصاء خطاطين عمداً، فقط خوفًا من أن يكشف حضور هؤلاء مستوى مناصبهم الحقيقية أو يبرز ضعف عطائهم ومنتجهم، وهكذا تتحول مسؤولية الاختيار من أمانة فنية إلى لعبة نفوذ، ويُغلق الباب أمام المواهب الصاعدة، ويُكرَّس الاحتكار داخل دائرة ضيقة تحمي نفسها بالمنع والإقصاء، لا بالقدرة والإبداع”.

وتابع: “ولعلّ الأخطر أن هذه الممارسات دفعت كثيرًا من الخطاطين المبدعين والموهوبين إلى التوقف عن المشاركة، ليس لضعف في مواهبهم، بل بسبب إحباطهم من واقع تحكمه المحاباة، ومن خلال احتكاكي المباشر بالعديد من هؤلاء الموهوبين، ومتابعتي لنتائج بعض المسابقات، وسماعي عن أعمال أُقصيت عمدًا أو لم يُسمح لها بالدخول أصلًا، وجدت نفسي أمام صدمة حقيقية، صدمة فكرية وفنية، أن يصل فن الخط، بما يحمله من تأريخ وقداسة، إلى هذه المرحلة من الانحدار”.

وأوضح: “في بعض الأحيان، نرى مظاهر واضحة للشلل في المعارض، خصوصًا عندما يكون أحد الخطاطين المنظمين جزءًا من لجنة الاختيار، فيقحم نفسه في عملية التنظيم لا بهدف خدمة الفن، بل ليضمن أن يكون محسوبًا ضمن مجموعة من الأسماء الكبيرة، فتراه يختار عمدًا مشاركين وأساتذة معروفين في المجال، حتى يُحسب أنه في نفس مستواهم، وفي المقابل يقصي خطاطين آخرين هم أحق وأجدر بالمشاركة”.

وأشار الى ان “هذه الحالة للأسف تكررت كثيرًا، وشهدناها في العديد من الفعاليات خلال العقود الثلاثة الماضية، حتى أصبحت سلوكًا مألوفًا يُمارس دون خجل، مع أنها من أخطر الممارسات التي تسيء إلى نزاهة المعارض وتفقدها قيمتها الحقيقية”.

وبيّن، إن “من أبرز هذه الأخطاء التي عرفها الوسط، قيام بعض الأساتذة بالكتابة أو المساعدة لتلاميذهم في أعمال مخصصة للمسابقات، فيفوز هؤلاء التلاميذ بأعمال ليست خالصة لهم، رغم انكشاف هذا الأمر أحيانًا للمتابعين. وهذه الممارسات لا تضر فقط بنزاهة المسابقات، بل تترك أثرًا سلبيًا عميقًا على صورة فن الخط العربي، الذي يفترض أن يقوم على الصدق والأمانة والإخلاص”.

ولفت الى ان “هذا الخلل لا يضرب نزاهة المسابقة فحسب، بل يرسل رسالة خاطئة إلى التلاميذ أنفسهم، فبدل أن يُعلَّموا أن هذا الفن يقوم على الصدق والإخلاص والتمرّس الدؤوب، يجدون أنفسهم في موقع امتياز غير عادل، وكان الأولى بالمحكّمين، حتى وإن شارك تلاميذهم، أن يوضحوا لهم، أن الحرف لا يُقاس بالمحاباة، وأن التفوق لا يتحقق بالقرابة أو العلاقة، بل بالمثابرة والتمرين والإصرار، وأنه في كل ساحة فنية قد يظهر من هو أفضل وأجدر، وهذه الحقيقة يجب أن تُعلَّم قبل أي شيء آخر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى