نقابة الفنانين ولجنة الثقافة النيابية.. صراع الوجود وفرض الإرادة السلطوية

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
على الرغم من انتهاء عملها الفعلي في مجلس النواب وفي وقت يفترض فيه أن تكون الثقافة حصناً للحرية، تطالعنا لجنة الثقافة البرلمانية بطلب غريب لا يليق بمقامها ولا بمسماها هو سحب يد الدكتور جبار جودي، نقيب الفنانين، لأنه تجرأ وانتقد كتباً رسمية صادرة عن اللجنة نفسها، ملأتها الأخطاء اللغوية والإملائية حتى فاضت بها صفحاتها كأنها شهادة على زمن يكتب فيه الجهل بلغة السلطة حتى تحول الأمر ما بين صراع الوجود بالنسبة للنقابة وفرض الإرادة السلطوية من قبل اللجنة.
وقال المسرحي قيس المختار في تصريح خص به “المراقب العراقي”: “أيُعقل أن يُحاسب المثقف لأنه مارس دوره الطبيعي في النقد؟ أليس من واجب النخبة الثقافية، أن تصحح.. أن تنقح.. أن تنذر؟ أم أن المطلوب من الفنان أن يصفق ويبارك حتى حين تُهان اللغة وتُشوه المعاني؟”.
وأضاف: إن “ما قاله الدكتور جودي ليس نذراً بل حقيقة واقعة.. يعرفها كل من قرأ تلك الكتب.. وكل من سمع خطابات بعض النواب الذين رغم ما يحملونه من شهادات ورقية.. لا يُحسنون تركيب جملة سليمة، فهل أصبح الجهل مقدسا؟ وهل باتت الشهادة الورقية حصانة ضد النقد؟”.
وتابع: “إننا لا ندافع عن شخص.. بل عن مبدأ، عن حرية الرأي، عن كرامة الكلمة، عن حق الفنان والمثقف في أن يكون مرآة لا مزماراً، وما يقلقنا أكثر من هذا الطلب، هو ما ينتظرنا في الدورة البرلمانية القادمة، في ظل الأعداد المتزايدة للترشيح والتي لا تحمل معها إلا مزيداً من الضجيج، ومزيداً من التهديد لجوهر الثقافة، فيا لجنة الثقافة.. إن كنتم لا تحتملون النقد.. فغيروا اسمكم، لأن الثقافة لا تصادر.. ولا تعاقب.. ولا تكمم، الثقافة تصغي، تراجع، ترتقي وتنهض”.
من جهته، قال الفنان مهند الدليمي في تصريح خص به “المراقب العراقي”: ان “عبارة ما تسمى بلجنة الثقافة وعبارة ما يسمى نقيب الفنانين، لا تمت بصلة لما يسمى أصول المخاطبات الرسمية”.
وأوضح: ان “اتهام اعضاء لجنة الثقافة البرلمانية من قبل السيد جودي بعدم امتلاكهم الثقافة ليس نقداً بناءً بل استخفافاً وإهانة شخصية لا تخدم قضية الفنان العراقي، ورد لجنة الثقافة البرلمانية كان أيضا معيباً ولا يمت بصلة لأصول المخاطبات الرسمية سيما وانه صادر من أعلى سلطة تشريعية يفترض بها الحصافة اللغوية والفكرية عندما أشارت لنقيب الفنانين بعبارة (ما يسمّى)”.
وواصل، ان “لجنة الثقافة تناست ربما أو جهلت ان نقابة الفنانين العراقيين مؤسسة سبق تأسيسها لمجلس النواب الحالي بـ ٣٦ عاما قمريا وشمسيا ثم ليرد نقيب الفنانين عليها ببيان تهكمي ساخر يفتقر أيضا لأبسط قواعد وضوابط أصول المخاطبات الرسمية”.
وبين، ان “رد نقيب الفنانين فيه إهانة شخصية مباشرة للجنة تشريعية نيابية عليا عندما دعاهم لتلقي دورات في الخط والاملاء، وفي الحالتين ضاع على المراقب والمعني والمهتم أصل القضية التي يفترض ان تسحب السيوف لأجلها وتعلو الأصوات وتكتب بيانات المعركة وأناشيد النصر بسببها، لا ان تشخصن القضية بشخوص النقابة وأعضاء البرلمان وتطمس معالم الشبهات في جذر النزاع حول قانون النقابة ومعرفة أي الطرفين هو المقصر كي لا يخسر الفنان العراقي العنب وسلته”.
وأكمل، “يبدو جلياً ان قدر الفن ورجالاته في العراق، ان يعيش محروما من تذوق العنب الناضج ويبقى يضرس من حصرمه الحامض فقط في الوقت الذي ينتشي فيه البرلمانيون من حلاوته، فكم جميل وحضاري لو ان تعصب الفريقين “لجنة الثقافة ونقابة الفنانين” كان للمعنى والفكرة والموضوع، وليس للأشخاص والمسميات، ولم يغردا خارج سرب الهم الوطني الثقافي الحقيقي في العراق.



