بالتعاون مع بكين وموسكو .. الجمهورية الإسلامية تعزز ترسانتها بأسلحة ومعدات دفاعية

تواصل الجمهورية الإسلامية عمليات تسليح قواتها المسلحة، لردع المخاطر والتهديدات التي تحيط بها، ومن الواضح أن طهران دخلت في واحدة من أضخم عمليات التسلّح في تأريخها الحديث، إذ تشهد الأسابيع الأخيرة تدفّقاً غير مسبوق للأسلحة والمعدات العسكرية من الصين وروسيا، في أعقاب المواجهة الأخيرة مع الكيان الصهيوني، في مشهد قد يُعيد رسم ملامح التوازن العسكري في المنطقة.
وكشفت تقارير عن حركة مكثفة لسفن شحن عملاقة غادرت الموانئ الصينية متجهة نحو إيران، وهي محمّلة بمعدات يُعتقد أنها تشمل أنظمة دفاع جوي متطورة، وصواريخ اعتراض مضادة للطائرات المسيّرة، وربما مكونات لمنظومات تشويش إلكتروني روسية الصنع.
وفي موازاة ذلك، لم تهدأ حركة طائرات الشحن العسكرية بين مطار مهرآباد في طهران والعاصمة الروسية موسكو، ما يشير إلى وجود جسر جوي مستمر لنقل أنظمة ومكوّنات حساسة. وقد لاحظ المراقبون تزايداً في الرحلات الليلية التي تُستخدم عادة لتجنّب الرصد الغربي، وهو ما يعزّز فرضية أن ما يجري ليس مجرد إمدادات دفاعية عابرة، بل عملية تسليح استراتيجية طويلة الأمد.
وتشير التقارير إلى أن إيران تستعد للحصول على مجموعة واسعة من الأسلحة المتقدمة من الصين وروسيا، في إطار خطة شاملة لإعادة بناء قدراتها العسكرية بعد المواجهة الأخيرة مع الكيان الصهيوني، وتشمل هذه الصفقات أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى من طراز S-400 الروسية، التي تُعدّ من أكثر المنظومات قدرة على مواجهة الطائرات الشبحية وصواريخ كروز، إلى جانب أنظمة Buk-M3 وTor-M2 المخصصة لاعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى، وهي أسلحة صُممت لتأمين المجال الجوي الإيراني ضد الضربات المفاجئة.
ومن الجانب الصيني، تتجه طهران نحو الحصول على منظومات HQ-22 وHQ-9B المتطورة، التي توفر تغطية متعددة الطبقات قادرة على اعتراض أهداف على ارتفاعات ومسافات مختلفة، فضلاً عن رادارات إنذار مبكر عالية الدقة قادرة على كشف الأهداف الجوية على مسافات تتجاوز 300 كيلومتر. وتشير بعض التسريبات إلى أن الصين وافقت على تزويد إيران بتكنولوجيا إلكترونية حساسة تُستخدم في أنظمة الحرب الإلكترونية والتشويش على الاتصالات والأقمار الصناعية.
ومنذ بداية العام تُثار تساؤلات مصيرية حول طموحات طهران الجوية، وتحديدًا حول ما إذا كانت إيران قد دخلت في مرحلة جديدة من تحديث قواتها الجوية عبر صفقات مع موسكو لتوريد مقاتلات من طراز سو-35 وميغ-29. الحقيقة هنا مركّبة بين ثلاثة عناصر: تصريحات إيرانية متفرّقة، تسريبات ووثائق روسية متداولة على شبكات التواصل ووسائل الإعلام الدفاعيّة، ونفي أو تريّث رسميّ من الجانب الروسي في إعلان تفاصيل عقود ملموسة. في أيلول 2025، أعلن قائد في الحرس الثوري الإيراني أن طهران «اشترت» مقاتلات سو-35 من روسيا، دون أن يحدّد ذلك رقمًا أو جدولًا للتسليم، وهو إعلان أثار موجة تقارير لاحقة ومحاولات تحقيق من جهات غربية.
بالتوازي، تداولت تقارير صحفية وإقليمية أخبارًا عن وصول دفعات من مقاتلات ميغ-29 إلى قواعد إيرانية في سبتمبر 2025، وظهرت صور ومقاطع إعلامية ومصادر محلية تشير إلى تموضع طائرات من هذا الطراز في قواعد مثل شيراز. يُمكن تفسير هذه التحركات كسعي طهران للحصول على حلّ قصير-إلى-متوسط الأمد عبر طائرات متاحة بسرعة لتعزيز القدرة الدفاعية، بينما يُنتظر تسليم منصات أكثر حداثة كالسوخوي-35 في حال تأكيد العقود واستكمال شروطها السياسية واللوجستية.
من الناحية الفنية، دخول سو-35 إلى الخدمة الإيرانية سيمثّل قفزة نوعيّة لقدرات الاعتراض والقتال الجوي؛ الطائرة مجهَّزة برادارات بعيدة المدى وقدرات حمولة تسليحية واسعة تسمح باستخدام صواريخ جو-جو متوسّطة وطويلة المدى، فضلاً عن قدرة على النفوذ إلى نطاقات أبعد من معظم المنصّات الإيرانية التقليدية. أما ميغ-29 فتمثل حلاً تكتيكياً عمليًا للمهام قصيرة ومتوسطة المدى، وهي مفيدة لتغطية سريعة ومناورات على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة، وقد تُوظَّف كجسر حتى اكتمال إدخال منصّات أحدث. ومع ذلك، لا يقتصر التحدّي على تسليم الطائرات وحدها؛ فاستقلالية التشغيل تتطلّب تدريب طيّارين وفنيين، ومحاكيات، وقطع غيار، وبنى صيانة طويلَة الأمد، وكلّها عناصر تتطلب عقودًا لوجستية وسياسية قد تُطيل مهلة التسليم وتزيد من الاعتماد على موسكو.



