اراء

حركة حقوق تمثّلنا… لا تشبههم ولا تشبه من خذلونا

بقلم/ علي عبد الأمير..
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق، يعلو صوت جديد في الشارع السياسي، ليس ناتجًا عن آلة إعلامية ضخمة، ولا مدعومًا من رأس المال الانتخابي، بل هو صوت جاء من قلب الأحياء الفقيرة والمناطق المهمّشة، يحمل وجع الناس ويعرف جيدًا أين يُوجّه خطابه، وكيف يختار معركته. إن ما نشهده اليوم من صعود متسارع لقوى وطنية مرتبطة بالمقاومة الإسلامية العراقية ليس حدثًا عابرًا، بل تحوّل سياسي واجتماعي عميق بدأ يتكوّن منذ سنوات، واليوم يصل إلى لحظة اختبار أمام صندوق الاقتراع.
الكتل المرتبطة بالمقاومة، وفي طليعتها حركة حقوق النيابية، تمكّنت خلال الدورة الحالية من إثبات نفسها كقوة فاعلة داخل البرلمان، لا عبر الشعارات، بل من خلال ملفات أثارتها بشجاعة ومتابعة سياسية مدروسة. ملف الحدود المائية مع الكويت الذي طرحه النائب سعود الساعدي، لم يكن مجرّد قضية سيادية مهملة، بل مثالاً على الجرأة التشريعية حين تقترن بالوعي الوطني. في ذات السياق، لعب النائب حسين مؤنس دورًا مهمًا في قيادة حراك نيابي يهدف لتمرير قانون الأحوال الشخصية، ليضع الحركة في صلب الجدل التشريعي، لا على هامشه. هذه المواقف ليست استعراضًا نيابيًا، بل مؤشرات على تحوّل قوى المقاومة من مواقع المواجهة الأمنية إلى مواقع الإنتاج السياسي داخل مؤسسات الدولة.
ما يميز هذه الكتل ليس فقط موقفها من الاحتلال أو الإرهاب، بل قدرتها على تمثيل الناس الحقيقيين، أولئك الذين لم تلامسهم برامج الأحزاب التقليدية، ولم تُغْرِهم عبارات “الإصلاح” التي لم تتجاوز حدود المؤتمرات الصحفية. أبناء المقاومة اليوم يترشحون من قلب الأحياء الفقيرة، يحملون لغة الشارع، ومطالبه، وذاكرته المثقلة بالخذلان. هم لا يعدون الناس بشيء فوق طاقتهم، بل يعدونهم بأن لا يكونوا خصومهم كما فعل كثيرون من قبل. وهذا وحده كافٍ لتغيير قواعد اللعبة الانتخابية.
معظم المرشحين عن هذه الكتل ليسوا وجوهاً مصطنعة أو محسوبة على “نخبة النخبة”، بل هم أبناء بيئة اجتماعية متعبة، يعرفون جيدًا ما تعنيه كلمة “راتب متأخر”، ويفهمون معاناة المواطن مع الكهرباء والماء وسوء الخدمات. ولهذا السبب بالتحديد، تزداد شعبيتهم. فهم لا يقدّمون أنفسهم كمنقذين، بل كممثلين حقيقيين لفئات طالما كانت خارج حسابات السلطة.
المؤشرات السياسية، واستطلاعات الرأي، ومزاج الشارع العراقي، كلها توحي بأن الانتخابات المقبلة ستشهد تحوّلاً في خارطة القوى داخل البرلمان، وأن الكتل المنبثقة من رحم المقاومة ستصبح رقمًا صعبًا، بل ربما مؤثّرًا في تشكيل الحكومة الجديدة. .

وفي النهاية، لا أحد يملك مفاتيح التغيير سلفًا، لكن كثيرين يملكون شرعية المحاولة. وقوى المقاومة، وهي تتجه إلى صناديق الاقتراع، لا تطلب تفويضًا مطلقًا، بل تقول ببساطة: “دعونا نكنْ خيارًا حقيقيًا في ساحة امتلأت بالتجارب الفاشلة”. وربما، هذه المرة، يستمع الناس فعلًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى