اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

انخفاض مناسيب المياه الى مستويات متدنية ينذر بعواقب اقتصادية خطيرة

العجز الحكومي يفاقم أزمة الجفاف


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
مخاطر بيئية جسيمة تهدد الواقع العراقي، جراء انخفاض مناسيب المياه الى مستويات متدينة جدا، بسبب موجة الجفاف والتصحر التي اجتاحت أغلب المحافظات العراقية وخصوصا في الوسط والجنوب، بالإضافة الى أسلوب التحايل والمماطلة التي ينتهجها الجانب التركي في التعامل مع الملف المائي مع العراق، في ظل التقاعس الحكومي أمام هذه الأزمة الخانقة واتخاذ موقف المتفرج دون تحريك أية دعوى دولية تعيد للبلد حقوقه المائية من حكومة أنقرة، وفي ظل تلك المسببات جميعها، يبقى الوضع المائي في العراق، في خانة الخطر وشبح العطش يخيّم على محافظاته الجنوبية .
وعلى وفق هذا الانخفاض بمناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، كشف مرصد “العراق الأخضر” المتخصص بشؤون البيئة، أن أمس الأحد يمثل آخر يوم في مدة السماح التي حددتها تركيا للإطلاقات المائية إلى العراق، مضيفا: أن “أنقرة كانت قد أعلنت عن إطلاق 400 متر مكعب في الثانية خلال شهري تموز وآب من هذا العام، إلا أن العراق تعرّض لخديعة كبيرة، حسب تعبيره، حين توقع أن تكون الإطلاقات وفق الإعلان التركي، فيما تبين لاحقاً، أن تركيا أطلقت فقط 120 متراً مكعباً في الثانية”.
ورأى المرصد، أن هذا الأمر دفع العراق إلى إطلاق ضعف هذه الكمية، ما أدى إلى إفراغ السدود والنواظم، مرجحاً ان يمرَّ البلد بوضع مائي سيئ للغاية، قد يتفاقم خلال الأشهر المقبلة، إذا لم تتوفر حلول فعّالة من الجهات المسؤولة، فضلاً عن مشكلات في نوعية المياه غير الصالحة للاستهلاك في أغلب المحافظات.
ومن جانب آخر، حذرت وزارة الموارد المائية من تداعيات خطيرة سيعكسها الجفاف على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد، مؤكدة، أن هذا العام هو الأكثر جفافاً منذ عام 1933، مبينة أن إيرادات نهري دجلة والفرات وصلت إلى 27% فقط مقارنة بالعام الماضي، وأن مخزون المياه في السدود والخزانات انخفض إلى 8% من قدرتها التخزينية، بنسبة تراجع بلغت 57% عن العام الماضي.
واقترنت موجة الجفاف المتواصلة منذ سنوات بدرجات حرارة قياسية تضرب خصوصا جنوب البلاد، حيث سجلت مدن عراقية ومنها البصرة، أعلى درجات حرارة في العالم، مما يفاقم الأوضاع في بلد بات يعاني مظاهر عدة لتطرف المناخ.
ولا تقتصر آثار موجة الجفاف على معاناة المزارعين والقطاع الزراعي الذي تقلصت مساحته بنحو 50% خلال السنوات الأخيرة حسب تقديرات وزارة الزراعة، بل أثرتْ أيضا على مياه الشرب، إذ إن محطات الضخ باتت غير قادرة على توفير المياه في مناطق عدة، بسبب جفاف الأنهار أو ضعف منسوبها.
وتشير التقديرات إلى أن الإيرادات المائية للعراق تراجعت من نحو 70 مليار متر مكعب إلى 40 ملياراً، في مؤشر خطير لم تعهده البلاد سابقاً .
وعلى وفق هذه المؤشرات الخطيرة، حمّل الخبير المائي عمر عبد اللطيف، في حديث لـ”المراقب العراقي”، الجانب التركي بالإضافة الى التقصير الحكومي، مخاطر ملف المياه في البلاد، لافتا الى ان “سياسة أنقرة تعتمد على تقليل الحصص المائية المقررة للعراق، ما تسبب بانخفاض خطير في مناسيب نهري دجلة والفرات”.
وقال عبد اللطيف: إن “منسوب المياه في العراق انخفض إلى أسوأ مستوى له منذ سنوات، بسبب الحصار المائي الذي تمارسه أنقرة”، مبيناً: أن “محافظات الوسط والجنوب هي الأكثر تضرراً، نتيجة الجفاف وانحسار الإطلاقات المائية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الزراعة وشُح مياه الشرب”.
وأضاف، أن “إصرار تركيا على المضي بمشاريع السدود دون التنسيق مع العراق، يشكل تهديداً للأمن المائي والغذائي، ويزيد من الأعباء البيئية والاقتصادية على المواطنين”، مشيرا الى أن “العراق بحاجة إلى تفعيل الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقاسم المياه، واللجوء إلى الضغط عبر الملفات الاقتصادية والتجارية، لإجبار تركيا على الالتزام بالحصص المائية”.
وشدد على أن “استمرار الوضع الحالي، سيؤدي إلى فقدان مساحات زراعية واسعة، ويضاعف معدلات البطالة والفقر في المناطق الريفية، فضلاً عن تفاقم أزمة التصحر والعواصف الغبارية، ويهدد الأمن الغذائي للبلد بشكل عام” .
وعلى وفق هذه المعطيات، تتزايد الدعوات من قبل المختصين بضرورة إعادة النظر الفورية في السياسات الزراعية والمائية العراقية، مؤكدين، أن “الوضع الحالي صعب جداً، ويحمل في طياته، مخاطر كارثية في المستقبل القريب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى