الكهرباء في العراق بين الهدر المالي وصفقات الفساد
وعود حكومية بلا تنفيذ
المراقب العراقي/ سيف الشمري..
يُعتبر ملف الكهرباء واحدا من الملفات المعقدة التي لم تنجح الحكومات المتعاقبة بحلها، خاصة في وقت الذروة خلال فصلي الصيف أو الشتاء، حيث إن الطاقة الكهربائية تكاد تختفي وهو ما يثير ضجة وجدلا كبيرا على مستوى الشارع العراقي، الذي تلقى وعودا كثيرة بحل هذه المشكلة لكنها كانت حبرا على ورق.
وما يزال العراق يعتمد بشكل أساسي في تشغيل محطاته الكهربائية على الغاز المستورد وفي حال حدوث أي خلل بهذه العملية نشهد تراجعا في ساعات التجهيز إلى أكثر من النصف وهو ما يسبب موجة غليان شعبية وتوجيه انتقادات حادة للجهات المسؤولة، وفي غالب الأحيان نشهد خروج تظاهرات منددة بالآلية المتبعة في توفير الكهرباء.
وتشهد غالبية المدن العراقية في الوقت الحالي تراجعا ملحوظا في ساعات التجهيز حيث وصلت ساعات الانقطاع إلى أكثر من اربع ساعات مقابل ساعتين تشغيل خاصة أن العراق يمر بموجات برد تكاد تكون غير مسبوقة حيث سجلت درجات الحرارة ما يقارب درجة الانجماد وهو ما حصل في بعض المناطق التي شهدت انجمادا أرضيا.
وحول هذا الأمر يقول المختص في الطاقة كوفند شيرواني في حديث لـ “المراقب العراقي” إن “ملف الطاقة يخضع لعدة اعتبارات بعضها سياسي وآخر يرتبط بالفساد الذي رافق هذا الملف منذ أكثر من ٢٠ عاما رغم المبالغ الطائلة التي صُرفت عليه”.
وأضاف شيرواني أن “مسألة انتاج الكهرباء عبر معامل ومصانع داخلية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض على اعتبار أن هذه المشاريع استراتيجية وتتطلب الكثير من الوقت والمبالغ لإكمالها”.
ويرى مختصون في الطاقة أن ملف الكهرباء لم يتمكن العراق من تجاوز آثاره لغاية الآن منذ الاحتلال الامريكي للبلد عام ٢٠٠٣ على الرغم من إنفاق الحكومات المتعاقبة أكثر من 41 مليار دولار على القطاع في السنوات الماضية، بينما تشهد البلاد انقطاعات طويلة في التيار خلال أوقات الذروة في الصيف والشتاء.
ويؤكد مراقبون أن آفة الفساد التي تنخر مؤسسات الدولة أحد أسباب استمرار أزمة الطاقة، إلى جانب بعض المشكلات الأخرى مثل الأعمال الإرهابية وأيضاً قلة مناسيب نهري دجلة والفرات بسبب الحصار التركي وتقليل الإطلاقات المائية وأيضا توقف بعض محطات الطاقة في السدود، إلى جانب استمرار الطلب المتزايد على التيار بمعدل سنوي يبلغ نحو ألفي ميغاواط.
هذا وكانت رئيسُ لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد قد قالت في وقت سابق إن وزير الكهرباء ووزارته لم يلتزموا بالوعود التي قدموها للمواطنين بساعات تجهيز مريحة وكافية خلال أوقات الذروة، وهذا الملف أصبح بحاجة إلى تدخل مباشر وإدارة حازمة من قبل رئيس الوزراء شخصيا لأن الهيكل في الوزارة اتضح عدم قدرته على تنفيذ وإنجاز شيء خاصة في بغداد، فيما بينت أن حديث الوزارة في كل أزمة عن ضرورة وقوف جميع الجهات معها من أجل إنجاح ملف الكهرباء غير واقعي لأن الدعم متوفر لها من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة وحتى المواطنين الذين صبروا على رداءة التجهيز طوال سنوات.