اخر الأخبارثقافية

لي من الحزنِ خيمةٌ وترابُ

مرتضى التميمي

لي من الحزنِ خيمةٌ وترابُ

وسماءٌ ونجمةٌ وعُقابُ

كنت مستلقياً على جرح عمري

وعيوني نما بهنَّ ارتيابُ

فرأيتُ الحياةَ لحناً مُسجّى

عزف الموتَ عندها زريابُ

صامتاً كنتُ في احتدامِ نزيفي

كنتُ أرنو لمن أتوا ثم غابُوا

كيف أسطيعُ أن أطيلَ انتظاري

وعلى الجيدِ تستحلّ الذئابُ

أدمنَتني الذئابُ مذ جرجرتني

نحو أوكارها وقلبي رغابُ

كان نزفي كالسلحفاةِ بطيئاً

مستمراً وليس للنزفِ بابُ

كيف أنهى الزمانَ عن أكل روحي

فجراحي أتى عليها الذبابُ

يا لَظلم الحياةِ حين دعتني

أحتسي الحزن والأسى أنخابُ

وبلادي التي أنجبتني يتيماً

أنكرتني سماؤها والهضابُ

فأنا الشاعرُ الذي عشتُ عمري

أمسحُ الدمعَ والعيون خضابُ

كل حزنٍ يجرّبُ الحزنَ عندي

وكأني وضوحُهُ والضبابُ

تعتريني القبورُ كلّ مساءٍ

وفؤادي يقسو عليه استلابُ

يجلسُ الحزنُ عند بابي طويلاً

بين فكّيه ألفُ نابٍ ونابُ

جائعاً عاش عمرَهُ يشتهيني

وكأني طعامُهُ والشرابُ

ذبلتْ خشية الغيابِ عيوني

و اعتراها تهشّمي والمصابُ

يا إله الرحيلِ رفقاً بروحي

أنا سِفرٌ ونزفُ عمري كتابُ

ما يزال الأسى كظليَ يمشي

خلف روحي وفي يديهِ ثقابُ

يشعلُ العمرَ في الصباح لأبقى

كرمادٍ داست عليه الصحابُ

تجتبيهِ الرياحُ مرفأ موتٍ

جاءَهُ الظهرَ جثةً سيّابُ

تخذتهُ البلادَ طفلاً شريداً

رمقتهُ فحل فيه اضطرابُ

هجّرتهُ نحو المجرات ليلاً

ونهتهُ بيوتها والقبابُ

كان يدري بأن عينيه نهرٌ

من دماءٍ وضفتاهُ رقابُ

كان يدري بأنه سوف يذوي

كشموعٍ فوق الحياة تُذابُ .

كان يدري بأنه عاش رأساً

فوق رمح الوجود لايستطابُ

أين يمضي الوحيدُ فالكونُ غابُ

تتمشى على مداه الكلابُ

لم يعد عارفاً إلى أين يمضي

وإلى أينِهِ تسير الركابُ

والمرايا التي اختفت مذ رأتهُ

 ونعاها حضورهُ المسترابُ

ألّبت عينَ ساحراتٍ عليهِ

ودعاهُ إلى القبولِ الخرابُ

كُسرت همةٌ وذابَ شموخٌ

ثم ماتا سؤالُه والجوابُ

نامَ في آخر المصيرِ وأرخى

سدل عينيه ثم حلّ الغيابُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى