“الغرباء” مسرحية نؤكد على قدرة المبدع الفلسطيني على تحويل الجرح إلى فن

قدم مسرح وسينماتك القصبة في رام الله عرضا جديدا لمسرحية “الغرباء”، من تأليف وإخراج جورج إبراهيم، وذلك تحت رعاية وبحضور وزير الثقافة عماد حمدان.
وحضر العرض كل من السفير الإيرلندي لدى دولة فلسطين فايليم ماكلوفلين، والسفير المصري في فلسطين إيهاب سليمان، والمدير التنفيذي لمسرح وسينماتك القصبة سامر مخلوف، وحشد من المواطنين والمهتمين بالشأن المسرحي.
وقال الوزير حمدان في كلمة له “يسعدني أن أكون بينكم هذا المساء في مسرح وسينماتك القصبة، لافتتاح العرض المسرحي ‘الغرباء’، الذي يحاكي واحدةً من أخطر قضايا صراعنا مع الاحتلال وهي محاولتهم سرقة تراثنا الفلسطيني، وتغيير ملامح هويتنا الأصيلة.
وأضاف “في هذه المسرحية نؤكد على قدرة المبدع الفلسطيني على تحويل الجرح إلى فن، والخسارة إلى معنى، والمعاناة إلى حكاية تستحق أن تُحكى. فالغرباء وصفٌ دقيق لأولئك الذين يحاولون سرقة أثوابنا وطعامنا وأغنياتنا، فيكونوا غرباء على هذه الأرض التي لا تعترف إلا بأصحابها الأصليين.”
وختم الوزير “نحن في وزارة الثقافة، رؤيتنا الإستراتيجية هي احتضان الفن بكافة أشكاله وأنواعه، وأن نحمي مساحة الحرية التي يُولد منها الفن؛ فمن دون فن حر لا توجد هوية، ومن دون ذاكرة يقظة لا يوجد وطن.”
يذكر أن مسرحية “الغرباء” أعاد إنتاجها مسرح وسينماتك القصبة لنص مصري الأصل للكاتب محمود دياب، وجد المخرج جورج إبراهيم أنه يشبه ما يحدث في فلسطين: الاستيلاء على الأراضي، وهدم البيوت، وبناء المستعمرات، ومحاولات طمس الهوية وسرقة التراث.
أجرى إبراهيم مع أكاديميين بحثًا ميدانيًا في المدن والقرى الفلسطينية، خاصة بين الشباب، حول معنى الموروث الثقافي. ونتجت عن البحث قناعة بأن التراث ليس مجرد زخارف أو أغنيات قديمة، بل هو ذاكرة وهوية وجسر نحو المستقبل. انطلاقًا من ذلك، أعد إبراهيم قراءة جديدة للمسرحية، مختصرًا أو معدّلًا بعض الحوارات، ومضيفًا شخصيات جديدة تتناسب مع الواقع الفلسطيني.
في النص الأصلي المصري الذي يحمل عنوان “الغرباء لا يشربون القهوة” (عُرض العمل عام 1976) يهجم اثنان من الغرباء على منزل رجل طاعن في السن اقترب موعد خروجه إلى المعاش، ويحاول معرفة هويتهما بلا جدوى، ويبدآن في محاولة الاستيلاء على منزله لكنه يرفض بشدة ويقاومهما.
وتنتهي أحداث مسرحية محمود دياب بقيام الغرباء بتدمير خزانة صاحب البيت، حيث يحتفظ بهويته ووثيقة أرضه وكل تفاصيل حياته.
وفي نقده للمسرحية بنسختها الفلسطينية، كتب يوسف الشايب في مقال له “صحيح أن الكاتب في المسرحية بنسختها الأحدث عربيّا، عمل على فلسطنتها، مُستحضرا القهوة عند محمود درويش، وصاحب البيت القارئ لغسان كنفاني، ورموزا فلسطينية عدّة كالثوب المطرز المتوارث، وعباءة الجد، والزعتر بأنواعه، والمريمية وغيرها، وأدخل صوت جرافات الاحتلال، وأشار إلى الجنود الذين يحيطون بالمنزل، إلا أن الغرباء لم يشربوا قهوته أيضاً، والابن الأوحد في الحالتين غادر البلاد مغتربا. وليس ذلك فحسب، فرغم الفارق الزمني الكبير بدت ملامح الغرباء متشابهة في العمليْن إلى حد كبير مع تغييرات طفيفة، فيما كانت لكنتهم الروبوتية متطابقة، كما هو حال عدم معرفة صاحب المنزل، بادئ الأمر، لماذا يقوم الغريبان أو الغرباء بإجراء القياسات حوله؟”



