مميزات العقل الإسلامي

تميَّزَ العقل الإسلامي في القرون الخمسة الأخيرة بالانفتاح على الثقافات الغربية والشرقية مما جعله يكتسب من هذه الثقافات، ما استفاد منها في جانب وتضرر بها من جانب آخر؛ إذ دخلت الأفكار من الشرائع الأخرى -كالمسيحية واليهودية والصابئية؛ و(اللَّا دينية) كالإلحاد واللا أدرية وغيرها-، وبذلك جرت الصراعات الفكرية واشتبكت المفاهيم وانمزجت التقاليد والأخلاق فيما بينها، فتهجَّن بعضها وانزوى، وحافظ بعضٌ منها، واختلط في البعض الآخر.
وبذلك سقط مفهوم المقدَّس الذي كان محاطاً بهالة قدسيَّة لا يجوز اقتحامها في البحوث الأكاديمية، فبدأت الدراسات والبحوث تظهر تحت يافطة (موت المؤلف) وهو مفهوم يَدْرُسُ النَّصَ بما هو نص بعيداً عن سلطة المؤلف؛ وقد أطلق عليه بعد ذلك بمصطلح (البنيوية)، التي تدرس النص بذاته ومن أجل ذاته.
مصطلح العقل الديني
مصطلح العقل الديني يُستخدم لوصف الطريقة التي يفكر بها الأفراد والجماعات الدينية حول قضايا الإيمان والشريعة والعلاقة مع الإله أو مع المقدَّس، وله مفاهيم تعدُّ من أسسه؛ كالتفسير الذي يُشير إلى الطريقة التي يفسر بها الأفراد والجماعات الدينية النصوص الواردة في الدين والشريعة.
وكذلك المنظور المقدَّس: إذ ينظر عبره الأفراد والجماعات الدينية إلى العالم والوجود والغاية من الحياة وهي وجهات النظر التي أُحكمت بقبضة الشرع.
بالإضافة إلى التفكير الديني: الذي يدور حول الطريقة التي يفكر بها الأفراد والجماعات الدينية فيما يخصُّ قضايا الإيمان والمقدَّسات والشريعة والدستور الأوحد والعلاقة مع الإله.
روافد العقل الديني
لكلِّ مصطلح -مرَّ بمطبَّات عدَّة حتى استوى- قنوات وروافد يُغذي بها مدخلاته فيستعين بها ليؤتي أكله في الانتشار؛ والعقل الديني له مظانُّه المتعددة التي يستقي مادَّته الرئيسة منها، وأهمَّها: النص الديني، حيث يعتمد العقل الديني على النصوص الدينية والشريعة في فهم العالم والوجود وعلى أساسه يُصدر أحكامه، وهذا لا ينحصر تحت طائلة دين معيَّن؛ وإنَّما ينسحب على جميع الشرائع الموجودة على الأرض، وكذلك رافد الإيمان الذي يُعدُّ من أبرز الروافد للشرائع الدينية من وجهة نظر العقل الديني، ويرتكز على الإيمان بالمسائل الغيبية؛ إذ يعتقد العقل الديني بوجود الغيب والمتعالي، ويؤمن بالحقيقة المطلقة، وله الحق بالفرض والتخطيط والتطبيق، بالإضافة إلى الأخلاق والقيم والتقاليد الموروثة، فعبارة -هذا ما وجدنا عليه آباءنا- لها وقع خاص في العقل الديني ويشدد عليها وعلى تقييدها وعلى أهمية الأخلاق والقيم في الحياة اليومية.



