كيف يوقف الإنسان استغلاله؟

عزيز ملا هذال..
وضع الله سبحانه وتعالى كل الأشياء بموازين وقياسات فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها، وهذا الذي يجب أن يُسيِّر كل تفصيلات حياتنا وأفعالنا وعواطفنا فلا بديل عن هذه الموازين الدقيقة، والطيبة لدى الانسان واحدة من الصفات التي تكون بالنسبة اليه سلاحا ذا حدين، فلا نقيصة تجعل الانسان منزوع الإنسانية، ولا إفراط يجعله مستغلاً، فما هي الطيبة؟، وماهي أبرز آثارها السلبية على حاملها؟، وكيف يجب ان يكون التعامل مع الانسان الطيب؟
يمكننا تعريف الطيبة بأنها الحالة النفسية التي تسيطر على الانسان وتجعله يعطي لأبناء جنسه كل ما يملك من دون قيد او شرط، مما قد يوقع صاحبها بفخ الاستغلال والامتهان وبالتالي تتحول الى نقمة عليه ووبال.
من الواقع:
أغلبنا يعمل في بيئات عمل سواء في العمل الخاص او الحكومي، وجميعنا او أغلبنا وجد في مكان عمله ذلك الزميل الذي لا يقول لأحد لا، فينفذ كل ما يطلب منه برغبته احياناً وتحت سطوة الحياء والرغبة بعدم رد طلب زملائه احياناً كثيرة، فقد يحل هذه الموظف الكثير من المشكلات التي تحدث في العمل لكنه يعاني مشكلة استغلاله البشعة التي لا يتفهمها الكثير من الناس او قد يتجاهلونها لقضاء حاجاتهم بعيداً عن النظر في تداعيات الامر على الفرد المستغل للأسف.
هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟
الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً، لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية، بمعنى ان الموقف الذي يستدعي ان تكون طيباً تكون كذلك، والموقف الذي يستدعي الصلابة يكون صلباً ممتنعاً على قاعدة (لا تكن ليناً فتُعصر ولايابساً فتكسر)، وهذا هو المقياس للعطاء او المنع.
تعكس الطيبة حالة التأثر بالواقع لذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، مايدفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان.
هل الطيبة تؤذي صاحبها؟
إذا أحسن الانسان التصرف في المواقف الحياتية المختلفة بحيث استخدم الطيبة بتوازن وباتفاق مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج، أما الميل الشديد وبعاطفة لإعطاء كل شيء وبدون مقابل ولا شكر ولا احترام ولا تقدير فأنها تجعل الفرد الطيب في مثل هذه الحالة مُستغَلًّا وقد يكون مهانا في أحيانا كثيرة.
ما يجب:
ما يجب على الانسان أن يعرفه ويعمل به هو فيما يخص الطيبة بحيث يجب ان لا تلغي دور العقل انما يتحكم العقل بها، فتحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم يدلان على الاتزان والرجاحة وليس عيبا او منقصة في الانسان.
كما يجب أن يكون قرار الانسان في بعض الحالات قاسياً لحماية نفسه وإبعادها عن الاستغلال، فمهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية تعطيه احتراما خاصا وتمنع التعدي عليه وإيقاف سلوكيات الامتهان التي أنتجها التفكير الخاطئ للبشر، فأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم.



