مصير المحكمة الاتحادية.. تساؤلات

منهل عبد الأمير المرشدي..
بداية نود ان نشيد بنعمة الديمقراطية التي وفّرت لنا مساحة من الحرية في إبداء الرأي بما يحصل في بلادنا مما نعلم وما لا نعلم، ولأنني مواطن وأتمتع بحقوق المواطنة، لا بدَّ لنا ان نستثمر تلك النعمة ونتوقف عند ما حصل من ذوبان مفاجئ لأعلى سلطة قضائية في العراق، وهذا الاختفاء الفوري والتلاشي للمحكمة الاتحادية العليا!!! لقد كانت هذه المؤسسة القضائية بمثابة صمام الأمان لضبط مفردات العملية السياسية بكل تداعياتها وفقا للقانون، رغم تعرضها للضغوط وباستمرار، ورغم التجاوز الذي يحصل على بعض قراراتها، لعدم توافقها مع مزاجات ومصالح الجهات التي صدرت بحقّها خصوصا في إقليم كردستان بقضية إحالة رواتب الموظفين على المركز وما يتعلق بحصر إيرادات النفط والمنافذ الحدودية بالخزينة الاتحادية وما كان من مواقف رسمية إزاء قرارها بإيقاف اتفاقية خور عبد الله مع الكويت وغيرها من القضايا.. لقد كانت هذه المحكمة واحة تحوي الجميع بما فيهم الظالم والمظلوم والناهب والمنهوب وامتازت بتمتع هيأتها القضائية ورئيسها بالشجاعة الواضحة في اتخاذ القرار والاستقلالية الممكنة في التعامل مع ما يعرض على طاولتها. هذه المحكمة التي مثلت لدى المواطن العراقي منذ تأسيسها حتى ساعة تلاشيها المفاجئ مصدر أمان للباحثين عن الأمان والأمل في الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من العدالة في الديمقراطية التوافقية العرجاء تفاجأنا بها هكذا وفي ساعة غفلة تختفي وتتلاشى باستقالة هيأتها القضائية من دون معرفة الأسباب المؤشرة لطلب الاستقالة ومن ثم إحالة رئيسها القاضي جاسم محمد عبود الى التقاعد لأسباب صحية، وترشيح نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي منذر ابراهيم بديلاً عنه، حيث تمت مفاتحة رئيس الجمهورية لإصدار المرسوم الجمهوري بالتعيين!!!. فما عدا مما بدا.. الى هنا نعود الى حقوق المواطنة لكل مواطن ونتوجه بالتساؤلات المشروعة التي تدور في خلد كل ذي عقل وبصيرة، ما هو السبب الذي دعا قضاة المحكمة الاتحادية العليا الى تقديم استقالتهم الجماعية؟ هل لإرجاء المحكمة الاتحادية النظر في الطعنين المقدَّمين من الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد السوداني في قرار بطلان قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله بين حكومتي العراق والكويت، مطالبيْن بالعدول عنه وإعادة الاعتبار للقانون علاقة بالموضوع؟! ما هي علاقة القائم بالأعمال الأمريكي بالقضاء الذي دعاه ليلتقي برئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان ليعقب ذلك اللقاء مباشرة صدور أمر إحالة رئيس المحكمة الاتحادية على التقاعد! مجرد سؤال… ما علاقة صمت الكويت وترقبّهم لما ستؤول اليه مفردات هذه الأحداث بكل ما حصل؟ مجرد سؤال لا أكثر… ما هو مصير العديد من الملفات المهمة والمصيرية المعلقة ومنها ملف الانتخابات البرلمانية ورواتب موظفي إقليم كردستان وتصدير النفط إلى جانب الطعون المقدمة في اتفاقية خور عبد الله؟.
أخيرا وليس آخرا، لا بدَّ أن نوصل ما يدور في الخفايا عن إن الذي حدث بالضبط هو انقلاب على القضاء بأمر بريطاني، حيث تم إجبار رئيس المحكمة الاتحادية على التقاعد بأوامر خارجية وتحديدًا من بريطانيا، بسبب ثباته في المواقف والقرارات القضائية، لا لفساد أو فشل، بل لأنه لم ينحنِ، وإذا سقط القضاء ألا تسقط الدولة؟، هي تساؤلات مشروعة لا أكثر ولا أقل، لكنها مهمة جدا جدا.



