اراء

الإعلام ..لا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون.

بقلم: منهل عبد الأمير المرشدي ..
ثمة توافق بين الآراء لذوي الاختصاص الأكاديمي والسياسي، إن مسألة الاستقلالية في الخطاب الإعلامي إنما هي مسألة نسبية بامتياز على الأقل من زاوية أن لكل منبر أو محطة غاية وهدفا. قبل كل هذا لابد أن تكون هناك رسالة تتبناها كل قناة أو صحيفة أو موقع تدافع عنها وتعمل على إيصالها جهارا أو بالمضمر . قد نسلم بادعاء بعض المنابر الإعلامية غير الحزبية أنها مستقلة وصاحبة قرار ولا سلطان لأحد على خطها التحريري بما في ذلك السلطة. قد نسلم بذلك تجاوزا بوجه هذه الأخيرة لكننا لا نستطيع أن نسلم به في المطلق لاسيما عندما نعلم من أين يأتي دعم هذه المنابر .. بالمختصر المفيد فإن لغة الخطاب العام أو الحوار أو الرأي والمداخلة للمذيع أو المذيعة أو مقدمي البرامج او رئيس تحرير صحيفة او موقع الكتروني ملزَمة بإرضاء وموافقة صاحب رأس المال الممول والمالك والداعم الفعلي لتلك المؤسسة قناة كانت او صحيفة او موقعا . هذا هو بالضبط ما نشهده اليوم في البرامج التي تستضيف المتصدين للتحليل السياسي لمناقشة ما يدور من أحداث ساخنة على المستوى المحلي وحتى الإقليمي . على سبيل المثال لا الحصر ومن دون الحاجة لذكر الأسماء , مقدمة برامج عراقية بلقبها ونسبها وعينيها وحسبها تعمل في قناة تتبنى الخطاب الرسمي للإقليم الكردي تُطل علينا في برنامجها الحواري كردية أكثر من الأكراد بارزانية أكثر من البارزاني . تقاطع من يدافع عن حقوق الدولة الاتحادية وتتعصب وتمضي بعيدا في حماسها المتوافق مع مزاج الكاكا تبرر الفساد لديه وتشرعن للسارق كل ما يسرق او يقول بل لا يفوتها أن تستضيف بوقا عربيا منافقا مستوطنا هناك في أربيل ينهق عاليا للتطبيل والتزمير والتباكي على مظلومية الأكراد المزمنة وفق قاعدة ضربني وبكى وسبقني واشتكى ! ولا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون .. . مقدمو برامج حوارية ينبرون الى المشاهدين بخطاب جريء في التطاول على الثوابت الوطنية وحقوق الأغلبية وقداسة الوسط المضحي والمقاوم ويمتازون عن سواهم بنبرة الصوت والكارزما والجرأة وخفايا ما بين السطور من التلميح والتهديد والتسقيط والتشهير والتحامل على ثوابت الدولة من خلال نقد سلوك أركانها أو انتقاد سياساتها أو استضافة عميل رخيص مأجور في إطار المزايدة الصرفة المحيلة على الابتزاز في الكثير من أوجهها ولا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون .. رئيس موقع إلكتروني معروف بالتزامه الأخلاقي والديني وإرثه الوطني يتلقى عشرات المقالات التي ينشرها في موقعه إلا أنه لا يترك الحبل على الغارب ولكن وفق ما يرتئيه هو ، فمسطرة السيد الرئيس ومقص الرقيب الحاد والقاسي مستنفر على كل رأي او جملة او كلام في مقال يخدش من بعيد او قريب قداسة المثابة للشخص المتربّع في وجدانه او صاحب الفضل عليه وإن كان ذلك الرأي صدقا وحقا ويقينا فلابد ان يحذف ذلك المقال ولا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون ، قد ينسحب هذا حتى على الإعلام الحكومي ولكن بشكل محدود هنا او هناك من على لسان مقدم برامج تسرب للمؤسسة الرسمية خلسة في أمر دُبِّرَ بليل يتبنى في داخله الكثير من الضغينة والحقد الذي لا يستطيع أن يبوح بهما إلا أن ذلك يرتسم في سواد عينيه وتأتة لسانه ولا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون .. أخيرا وليس آخرا نقول ماذا بقي للسلطة الرابعة بعد أن بِيع أغلب أركانها وسُلّم كباتن سفنها المرساة والأشرعة الى الحيتان والمافيات والظالمين ولله درّكم أصحاب الأقلام الشريفة والأصوات النقية والثوابت المقدسة ولا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه فلا استقلالية ولا ثوابت ولا هم يحزنون .
مدقق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى