ترشيح المالكي للانتخابات.. حكاية بصراحة..

بقلم: منهل عبد الأمير المرشدي ..
من واحة الصدق المستوحش بقلة سالكيه والصراحة المنحسرة في عالم اليوم المأزوم وبعيدا عن هواجس التحسّب أو التردد لما سيقوله المُؤوِّلون والمشككون من دون الحاجة للمجاملات القصدية أو الدواعي الشخصية . من كل هذا باختصار نود أن نناقش ما توارد من أنباء عن عزم السيد نوري المالكي النزول شخصيا كمرشح على دائرة العاصمة في الانتخابات التشريعية القادمة.. أسماء كثيرة ترشحت من السيد محمد شياع السوداني الى محمد الحلبوسي وغيرهما لكنها لم تؤثر في الشارع السياسي العراقي أو الوسط المجتمعي كما هو الحال في إعلان ترشّح المالكي فلماذا ؟ . لا أريد أن أخوض في مجال التقييم لهذا الزعيم او ذاك خصوصا مع ما نشهده من تزاحم الزعامات وكثرة القادة وأدعياء الريادة لكنني سأنتقل بشفافية الى الواقع القريب من التأريخ السياسي للعراق الذي كان فيه للسيد المالكي دور وحضور ومسؤولية . كلنا يتذكر ما تميّزت به فترة تولي المالكي لمنصب رئيس مجلس الوزراء بين عامي 2006 و2014 من ظروف تأطرت بغاية الخطورة والتعقيد على الصعيد الأمني والسياسي . لقد واجهت العملية السياسية في العراق حين ذاك تقاطع شامل مع المحيط العربي مدعوما بهجوم إعلامي على المستوى الإقليمي وغالبية القنوات المحلية .. تفجيرات إرهابية تستهدف العاصمة بغداد والمحافاظات الجنوبية تجاوزت العشرة الى خمسة عشر تفجيرا في اليوم الواحد .. سيطرات وهمية.. تحريض طائفي .. تسقيط وتشهير تجاوز المتطرفين من أهل السنّة والبعثيين الصداميين لتتبناه بعض الأطراف السياسية الشيعية . منصات الاعتصام التي مهّدت للدواعش في المناطق الغربية . أحداث كثيرة كانت تكفي لانهيار أي حكومة مهما كانت قوة الزعيم او الرئيس الذي يقودها حيث وصل الحال الى فراغ الشوارع في بغداد ولجوء الناس الى بيوتهم بعد صلاة المغرب خوفا من المجهول . لكن المالكي واجه الأمر بقوة لم نرَها في غيره وصلابة لا زلنا نفتقدها وقرارات من وحي القيادة الحاضرة وليس كما هو حال غيره من أصحاب التوجيهات المتوسلة . على المستوى الأمني من خطة فرض القانون التي أعادت الحياة والحركة لبغداد وأهلها . الى إنشاء قوة مكافحة الإرهاب الى مطاردة المجرمين من أرباب فرق الاغتيالات في الشوارع بما فيهم بعض من كان محصنا بمواقع رسمية كنواب في البرلمان او من كان بمنصب نائب رئيس الجمهورية او وزيرا للمالية وغيرهم . قمة ما أقدم عليه المالكي في طي صفحة الظلم والطغيان البعثي بإمضائه على أمر تنفيذ حكم الإعدام بحق المقبور صدام بعد أن رفض رئيس الجمهورية ذلك الإمضاء الذي أقر عيون ذوي الضحايا لعشرات الآلاف من الشهداء في زمن حكم الدكتاتور على مساحة الوطن ….. كان حضور المالكي في الجانب الأمني يواجه دعما عربيا ويكاد يكون دوليا للتنظيمات الإرهابية والشحن الطائفي بل وحتى ممن عارضه وتمرد عليه من المحسوب على أبناء مذهبه . في ظل تلك الظروف الخطيرة والمعقدة تم بناء مشروع بسماية اكبر مشروع استثماري سكني في بغداد وبأقساط ميسرة وفّر فرصة السكن اللائق للآلاف من ذوي الدخل المحدود كما تم تعديل سلّم الرواتب للقوات المسلحة والدرجات الوظيفية إضافة الى عقد الاتفاقية مع كوريا الجنوبية التي تنص على اكبر مشروع إعمار للبنى التحتية في العراق .. النفط مقابل الإعمار . ذلك المشروع الذي تم إجهاضه في البرلمان العراقي من قبل اكبر شريكين بالتحالف الشيعي حينها بشهادة الشيخ جلال الدين الصغير والسيد بهاء الأعرجي خشية استثمار المالكي للاتفاقية لتجديد ولايته وفق ما صرحوا به علنا ولو كان لذلك المشروع أن يمضي لكان حال العراق اليوم شيئا آخر من التطور والنهوض والإعمار …… المالكي الذي حافظ على نيل الثقة بموقعه أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية المصداق الأكبر للمعارضة الإسلامية الوطنية للنظام الصدامي المقبور والذي لم يتعرض شخصيا لأي شبهة عليه في ملفات الفساد التي طالت غيره .. المالكي الذي يمتلك كارزما القوة والهيبة والحضور التي جعلته لسان حال القرار الأقوى في الوسط السياسي الشيعي عمرا وخبرة وقرارا تجعل من ترشحه للانتخابات التشريعية القادمة أمرا يستحق التوقف والتأمل والسلام ..



