اخر الأخبارثقافية

“الرمل الأسود” رواية تكشف عن الموت والقتل في الشوارع بعد الاحتلال الأمريكي

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي..

يرى الناقد يوسف عبود جويعد، إن الروائي الراحل أسعد اللامي، قدّم لنا في روايته “الرمل الأسود”، وجهاً آخر من وجوه السرد الروائي، فهي تكشف عن الموت والقتل في الشوارع بعد الاحتلال الأمريكي.

وقال جويعد في قراءة خصَّ بها “المراقب العراقي”: إن “اللامي استطاع أن يحرّك الأدوات السردية بنسق تتابعي دفعة واحدة، دون أن تتخلّف أداة عن الأخرى، وهو السياق الفني الصحيح لصناعة الرواية، كونه من الأمور الرئيسة التي تتطلّبها تلك الصنعة، ألا وهو متابعة حركة تقدّم الرواية بشكل تام دون الإخلال بجانب من تلك الجوانب عن سواه الذي يشكّل ركناً أساسياً من أركانها، وجميعها تكوّن وحدة بناء السرد”.

وأضاف: إنّ “الكثير من الروايات لم تتمكّن من مسك زمام المبنى السردي بشكل محكم، فيحدث خلل في جانب ويتخلّف عن بقية أدوات السرد، إنّ حركة السرد بسياقها الفني الصحيح يعطي لفضاء الرواية وجهها الصحيح ويبعدها عن بقية الأجناس الأدبية ويميزها، إضافة إلى ذلك، فإنّ الأحداث المتناغمة المتصاعدة المتواترة تشكّل حالة من الشد والمتعة، وتتوضّح الثيمة بشكل تام وهو يتابعها خطوة بخطوة أي المتلقي”.

وتابع: إنّ “الروائي يقحمنا ودون سابق إنذار في خضمِّ حياة نعيم ضايع الذي تولّى مهمّة سير الأحداث من بدايتها حتّى نهايتها، وما أن نتعمّق في البنية الشخصية لنعيم حتى نكتشف أنّه سياق متكامل لحركة المبنى السردي للرواية بكامل هيأتها، حيث من خلاله نعرف بأنّه لقيط وقد وجده ضايع وأعطاه إلى زوجته تقية لكي تتبناه، ويسجل باسمه وهو الوحيد الذي يمتاز ببياض البشرة وسط (عكد) العبيد، لأنّ هذا العكد يضمُّ العبيد أي إنّهم سود البشرة، ويعيش نعيم حالة اختلال وعدم توازن نفسي، إذ يتفاجأ بالمتغيرات الرهيبة والغريبة في حياة البلد بعد الاحتلال الامريكي, قتل , سلب , نهب, انفجارات, فوضى دون أن يشعر أنّ لها نهاية, ظلام وحر دائم في الصيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي, إضافة إلى مشاهدته شباباً وصبية ورجالاً يقتلون من قبل الارهابيين الملثمين الذين يرتدون لباساً أسود”.

وأوضح: إنّ “الروائي بهذا يمهّد لمفاجأة كبيرة، تشكّل الصراع المضاد في حياة نعيم التي هي هيكل وبناء الرواية بكامل أدواتها الفنية وسياقها الصحيح, وبهذا التصقت وانتشرت الأحداث السردية أو الحكائية مع بقية البنى الرئيسة لصناعة الرواية وصارت جزءاً منصهراً معها وتحرّكت جميعها متوحّدة بنسق تتابعي متقن, ثم تتاح فرصة طيبة لبطل الرواية هذا بعد أن عرض نفسه لطبيب نفسي وأعطاه العلاج اللازم لتجاوز حالة اليأس والاكتئاب والعزلة التي عاشها نعيم, وتلك الفرصة التي لم يكن يتوقعها هي إيفاده إلى تايلند من قبل دائرته, عندها يبرز الصراع الثاني الذي هو المحور الآخر الذي يتحرّك مع الصراع الأول, وفي تايلند يجد الحياة الطبيعية التي يحياها بنو البشر الأسوياء, السلام, الأمن, الطمأنينة, الحرّيّة”.

وأشار إلى إنّ “الروائي أسعد اللامي يمتاز بلحظات توهّج سردية متقنة وهذا التوهّج السردي الذي وظفه الروائي داخل متن النص هو حالة من حالات التميّز في صناعة الرواية لديه, إنّ إيفاد نعيم ضايع إلى تايلند ما هو إلّا بؤرة الحدث السردي، كونه يقدّم لنا الصورة المناقضة لما نحياه داخل هذا البلد الجريح المظلوم, وهي عملية مقارنة عميقة بين حياتين متناقضتين الأولى حياتنا في ظل الاحتلال الامريكي التي هي القتل والسلب والنهب والانفجارات والاغتيالات والفوضى والثانية الحياة التي يجب أن يعيشها الإنسان وهي حقٌّ من حقوقه, التي تتوفّر فيها كلَّ أسباب الطمأنينة والأمان والحرّيّة والوعي التام والسلام”.

وأكمل: إن “الروائي أسعد لم يقدّمها بشكلها المباشر، وإنّما قدّمها لنا بصورة سرديّة لرواية اكتملتْ فيها كلَّ أدواتها وتحرّكت متوحّدة, ووفّر فيها جانب المتعة والتشويق والانبهار والدهشة, كما إنّه وظفها ثيمة كبيرة, ورسالة إنسانية, بل إنّها صرخة إنسانية تطالب تنظيم الحياة داخل بلدنا الذي تتلاقفه أمواج الفوضى والتدهور والانهيار, وهي رسالة ثقافية كبيرة أيضاً، إنّ رواية (الرمل الاسود) لأسعد اللامي تقدّم لنا الحياة البديلة بتناول سردي حديث”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى