تصريحات وزير الدفاع تتعارض مع رؤية الحكومة في طرد القوات الأمريكية

اجتهاد بالمواقف ومجاملات على حساب الوطن
المراقب العراقي / سداد الخفاجي..
مع اقتراب موعد انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق المقررة في شهر أيلول المقبل، تمهيداً للانسحاب العسكري الكامل من الأراضي العراقية، يبدو أن واشنطن وبعض الأطراف السياسية داخل البلاد تحاول الالتفاف على الاتفاقيات التي توصلت اليها بغداد وواشنطن خلال المباحثات الأمنية الثنائية التي أجريت خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي اُعلن عنها التوصل الى اتفاق بإنهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، الامر الذي يضع الحكومة بحرج كبير أمام القوى الوطنية التي تطالب بإنهاء التواجد العسكري الأجنبي في البلاد.
بوادر الالتفاف الأمريكي بدأت تتضح من خلال تصريحات تلفزيونية لوزير الدفاع العراقي ثابت العباسي الذي أكد أن العراق اقترح عقد اتفاقيات أمنية استراتيجية جديدة مع أمريكا تتناسب مع التطورات التي تشهدها المنطقة، متحدثاً عن استمرار التهديدات الإرهابية سيما مع الاحداث التي تشهدها سوريا، مما يتطلب إعادة النظر بالاتفاقيات والتريث بالقرارات التي تتعلق بالانسحاب الأمريكي تماشياً مع متطلبات المرحلة.
ويرى مراقبون أن تصريحات وزير الدفاع تأتي ضمن سلسلة الضغوط التي تمارسها واشنطن على بغداد من أجل التريث أو إنهاء ملف الانسحاب مع قرب موعده، وبالتالي تريد واشنطن أن ترمي الكرة بملعب الحكومة العراقية وتجبرها على المطالبة بعدم الانسحاب، بحجة وجود تهديدات إرهابية وعدم جاهزية القوات الأمنية على مواجهة جميع التحديات، سيما مع نقص التسليح وافتقار العراق لمنظومة دفاع جوي تمكنه من حماية سمائه.
وحول هذا الموضوع يقول المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي لـ”المراقب العراقي” إن “أمريكا منذ اليوم الأول لإعلان المباحثات الثنائية غير جادة بالانسحاب من العراق، ولا تريد إنهاء وجودها”.
وأضاف الموسوي أن “التصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تتحدث عن وجوب بقاء القوات الامريكية تأتي بسبب الضغوط الامريكية على الحكومة، وهو أمر متوقع أن تماطل واشنطن بقرار الانسحاب”.
وتابع أن “على الحكومة العراقية التركيز على نقطتين أساسيتين الأولى المكاشفة ما بينها وبين الشعب والثانية الحفاظ على السيادة العراقية، مبيناً أن ترامب عند تسنمه منصبه بدأ يوزع التهديدات هنا وهناك”.
وأوضح أن “الصمود ومقاومة المشاريع الامريكية هما أفضل الخيارات، فهذه غزة لم يستطيعوا أن يفرغوها من سكانها بسبب صمودها ورفضها للمشاريع الاستكبارية، منوهاً بأن القوة أنسب الخيارات لمواجهة الاحتلال على مرِّ التأريخ”.
وتدرك القوى الوطنية العراقية المُطالِبة بالانسحاب منذ اللحظات الأولى لبدء المباحثات بين بغداد وواشنطن بأن أمريكا غير جادة بإنهاء هذا الملف، لأن العراق يمثل نقطة استراتيجية مهمة للولايات المتحدة ولا يمكن التفريط بها بهذه السهولة، وتدرك أيضاً أن الاحتلال لن ينتهي في العراق إلا عبر القوة العسكرية، لكنها أرادت أن تصل الى آخر الحلول السلمية قبل اللجوء الى الخيارات الأخرى لإنهاء هذا الملف الذي بات يهدد أمن البلد واستقراره،
ورغم أن العراق خاض جولات حوارية عدة مع واشنطن خلال السنوات الماضية بهدف تقليص الوجود الأجنبي على أراضيه، إلا أنه وبحسب المعطيات أن واشنطن تريد التملص عبر إبرام اتفاقيات جديدة تضمن لها البقاء لفترة أطول، بينما تسعى بغداد الى تطبيق المعاهدات الأمنية للوصول الى شراكة تحفظ سيادة البلد وتعطي استقلالية أكثر للأجهزة الأمنية.
وفي وقت سابق أعلنت بغداد وواشنطن، عن إنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” في العراق في موعد أقصاه نهاية أيلول 2025، وجاء ذلك بعد جولات حوار بين الطرفين امتدت لأشهر على خلفية مطالب بإنهاء وجود التحالف من قبل المقاومة الإسلامية في العراق.