فساد القروض يفتح “أبواب جهنم” على المصارف الحكومية

أموال تذهب لغير مستحقيها
المراقب العراقي/ القسم الاقتصادي..
يشكل ملف القروض التي تمنحها المصارف، قلقاً لشرائح متعددة من العراقيين، فالكثير من المبالغ تتسرب تحت عباءة الفساد والتدخلات الحزبية التي تدفع بها باتجاه غير مستحقيها، في وقت تحاول الحكومة فيه التحرك لردم هذه الآفة التي نسفت المال العام، وحولت النقد الى جهات تستحوذ على مبالغ هائلة بذرائع كثيرة، من خلال مشاريع وهمية لا وجود لها على أرض الواقع.
ويوم أمس الاثنين، وجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، هيأة النزاهة بحسم التحقيق في مخالفات سلف المتقاعدين وحالات التزوير بمعاملات ضحايا الإرهاب، مشددا على حماية الأموال العامة، وعدم التساهل مع أية حالة تزوير أو تجاوز، تكون نتيجتها هدر الأموال العامة، أو منحها لغير مستحقيها على وفق القانون، وهو ما يؤدي إلى حرمان المستحقين من حقوقهم أو تعطيلها.
ويعتقد مراقبون للشأن المالي في البلاد، ان المصارف الحكومية تضع عقبات أمام المستحقين من المواطنين لدفعهم بعيدا عن القروض، لافتين الى ان تلك العملية تأتي لاستخدام الأموال المخصصة للقروض، للعمل في السوق وفق اتفاقيات يتم فيها الحصول على نسب من المستفيد.
ويرى المراقبون، بان مهمة الحكومة يجب ان تركز على المتابعة الدقيقة لعمل المصارف الحكومية التي تخضع لضغوط المتنفذين، وهو ما يدفع نحو استمرار نهب المال العراقي بطرق ملتوية، فيما تبقى الجهات المستحقة والمواطنون يترقبون حكاية القروض التي تعاد سنوياً من دون الاستفادة منها.
ويقول مصدر مصرفي رفض الكشف عن اسمه، ان هناك فساداً كبيراً في عملية منح القروض الخاصة بالزراعة والصناعة والتي يصل أغلبها الى المليارات، مشيرا الى ان تلك الأموال لا تخرج إلا بعد دفع الرشاوى.
ويضيف المصدر، ان “الكثير من الفلاحين ورغم المبلغ البسيط الذي يقدمون للحصول عليه، إلا ان النتيجة تنتهي بسلسلة من الإجراءات المعقدة التي تعيدهم الى نقطة البداية بلا جدوى”، مشيرا الى ان “هذا الملف يجب ان يخضع للفحص والمراجعة لدخوله في صلب الإنتاج المحلي الذي يهدف الى معالجة الخلل في قطاعي الصناعة والزراعة”.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، ان المشكلة الحقيقية التي ترافق منح القروض تتعلق بالنسب الكبيرة التي تفرضها المصارف على المواطنين.
ويشير المحسن في تصريح لـ”المراقب العراقي”، الى ان “الحكومة تتحدث عن أهمية منح القروض لكل من يتقدم بمشروع، إلا ان المصرف يضع شروطاً تعسفية أمام المتقدم وفي صدارتها النسب العالية، لافتا الى ان الأمر يدفع باتجاه العزوف والنتيجة ستكون الضمور والتراجع في الاقتصاد”.
ورغم المحاولات التي تطلقها الحكومة بين الحين والآخر وخصوصا في ملف المصارف الحكومية، إلا ان الأمر لم يحدث أي تغيير على أرض الواقع، فيما تجاهلت الجهات المختصة صرخات المواطنين الذين يؤشرون خللاً في نسب الفوائد الكارثية التي يفرضها المصرف على المقترض وفي مقدمتها الأموال التي تمنح للحصول على السكن.
ويراقب الشارع مخرجات الحكومة في مراقبة ملف منح القروض التي تذهب بسهولة الى الشركات الاستثمارية بمبالغ هائلة، فيما تغلق الأبواب بوجه المواطنين الذين يسعون لاستحصال سقف زهيد من المال بتعقيدات وشروط مجحفة الهدف منها قطع الطريق عمّن يفكر بالتقديم على قرض بسيط.