أموال العراق بين شد البرلمان وجذب الحكومة

خلافات الموازنة تعرقل الخدمات
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
بعد ان استبشر العراقيون خيراً بانطلاق المشاريع الخدمية للعاصمة بغداد وبعض المحافظات العراقية، وأبصر النور في عدد كبير منها، كمشاريع الجسور والطرق العامة، إلا ان القلق بدأ يعتريهم جراء تصريحات بعض السياسيين والمختصين بالشأن المالي التي أجمعت على ان العراق شارف على الإفلاس المالي، وان الكثير من المشاريع الاستراتيجية المهمة ستتوقف نتيجة لعدم وجود سيولة مالية، بالإضافة الى تأخير ارسال جداول الموازنة من قبل الحكومة، رغم ارسالها الى رئاسة مجلس الوزراء منذ أشهر.
ومما زاد من خطورة الوضع هو ما أكدت عليه وزارة المالية في بيانها الأخير بان خزينة الدولة تدار بطريقه “اليوم بيومه” على حد تعبيرها، وليست لها القدرة على التعيينات أو انشاء مشاريع جديدة، نتيجة للتضخم الكبير الذي لحق بالموازنة.
أما من الجانب الرقابي، فقد حذر عضو ائتلاف دولة القانون، داخل راضي، من أن تأخر إطلاق التخصيصات المالية للمحافظات، ينعكس سلباً على تنفيذ المشاريع الخدمية ويؤثر على أداء الاقتصاد الوطني بشكل عام، مشيرا الى ان التخصيصات المالية لعام 2024 لم تصل بشكل كامل إلى المحافظات، ما أدى إلى تعثر عدد كبير من المشاريع المستمرة المقررة ضمن الخطط الاستثمارية، لافتاً الى ان العديد من المحافظات، لاسيما في الوسط والجنوب، تعاني ظلماً كبيراً في حجم التخصيصات ضمن موازنة 2024، ما انعكس سلباً على مستوى الخدمات العامة.
فيما أشارت احصائيات رسمية بان العراق بلغ حجم ديونه 130 مليار دولار، نتيجة للإسراف في صرف المبالغ الطائلة على مشاريع لم تخضع لجدوى اقتصادية مدروسة، بالإضافة الى صرف مبالغ مالية ضخمة من باب المجاملات والمحاباة السياسية متمثلة برواتب الإقليم التي أصبحت مسمار جحا في نعش الحكومة الاتحادية، رغم تمادي الإقليم في عدم تسديد ما بذمته من ديون مالية التي تجاوزت حصتها المقررة بقانون الموازنة الاتحادية، مبلغ (13.547) تريليون دينار من إجمالي الصرف الفعلي.
وفي ظل السجال المستمر بين الخطر النيابي والاطمئنان الحكومي بشأن الخزين المالي ونفاده وتهديد رواتب الموظفين وتوقف المشاريع الخدمية، يبقى المواطن العراقي حبيس الأنفاس ويترقب بحذر ما تحمله الأيام المقبلة من مفاجآت في ظل الوضع الراهن.
وفي السياق نفسه، حمّل الخبير الاقتصادي صالح مهدي في حديث لـ”المراقب العراقي” الحكومة مسؤولية تأخير الموازنة وتداعياتها على الوضع الخدمي ورواتب الموظفين، مبيناً: ان الوزارات تبدأ على وفق التوقيتات الدستورية برفع جداولها في الشهر السادس من عام 2024 الى وزارة التخطيط لتدقيقها ومن ثم رفعها الى وزارة المالية والتي بدورها ترسلها الى مجلس الوزراء، حيث يقوم الأخير بإرسالها الى البرلمان في الشهر الـ11 من عام 2024 لكي يتم إقرارها قبل بداية عام 2025 وهذا لم يحصل لحد الآن، مشيرا الى ان “أزمة الموازنة ليست وليدة اللحظة، وانما تتكرر في كل سنة، نتيجة للخلافات السياسية وانحياز كل جهة على حساب الأخرى”.
وتبقى تداعيات الأزمة المالية تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن البسيط وانعكاسها على واقعه المعاشي، نتيجة لاعتماد الحكومة على الاقتصاد الريعي النفطي، واهمالها لتفعيل القطاعات الأخرى كالصناعة والزراعة والتجارة وتنشيط القطاع الخاص.



