قوى وطنية أمام فرصة ذهبية ومنعطف حاسم لإصلاح المسار السياسي

حراك شعبي متنامٍ وتعطش جماهيري للتغيير
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، باشرت الكتل السياسية في إعداد برامجها الانتخابية، وسط توقعات بارتفاع نسبة عزوف المواطنين عن الذهاب الى صناديق الاقتراع، بسبب افتقار المواطن للثقة بالطبقة السياسية الحاكمة حالياً خاصة مع تكرار الفشل وعدم تحقيق تطلعات الشعب العراقي على مدار السنوات الماضية، فيما يتوقع ان تتصدر كتل سياسية جديدة المشهد السياسي في البلاد سيما مع تنامي شعبية قوى المقاومة الإسلامية ومقبولية مشروعهم في العراق.
هذا التصدّر بحاجة الى عمل جاد من أجل كسب الجماهير عبر البرامج الانتخابية وتحويل ردة فعل الجماهير السلبية الى قناعة إيجابية تحفزهم على المشاركة في الانتخابات بدلاً من العزوف، وتحويل هذه الكتلة البشرية الى قوة فعالة بإمكانها تغيير الخارطة السياسية، ورفع قبضة ما يعرفون بصقور السياسة عن العملية، لكن هذا يتوقف وبحسب مراقبين على قدرة القوى الصاعدة في تحريك المياه الراكدة وتغيير نظرة الجماهير السلبية عن العملية السياسية عبر تبني برامج انتخابية ورؤية مستقبلية لواقع البلاد، يمكنها تحفيز الجمهور للتوجه نحو صناديق الاقتراع.
العزوف عن الانتخابات تعد ظاهرة متصاعدة في العراق، حيث تظهر الإحصائيات، انخفاضاً في نسبة المشاركة بالانتخابات، ووفقًا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية تراوحت بين 20% إلى 30% فقط، بينما وصلت نسبة المقاطعة إلى مستويات عالية، بسبب عدم الثقة بالعملية السياسية، إذ يفتقر العراقيون إلى الثقة في العملية السياسية ومخرجاتها، خاصة مع تكرار الفشل في تلبية مطالب الشعب، إضافة الى الصراعات السياسية التي انعكست سلباً على واقع البلاد بصورة عامة خاصة من حيث الخدمات، كما ان استمرار تفشي انعدام الخدمات وتوفير الحماية للفاسدين من قبل الكتل السياسية كان له أثر سلبي على نسب المشاركة.
ويرى مراقبون، أن قوى المقاومة الإسلامية تمتلك فرصة ذهبية اليوم، لكسب الجماهير خاصة مع وجود شريحة كبيرة من الشعب العراقي غير مقتنعة بالعملية السياسية وما انتجته من وجوه، وعدم قناعتهم بالموجودين حالياً ورغبتهم بالتغيير، وبالتالي فأن قوى المقاومة ستكون الأكثر حظوظاً في الصعود الى سدة الحكم وإزاحة الأسماء التي سيطرت على المشهد منذ عام 2003، عبر استغلال تعطش الجماهير لإنتاج طبقة جديدة عبر صناديق الاقتراع.
وكشفت مفوضية الانتخابات، عن أعداد الناخبين الذين سيشاركون في الانتخابات النيابية المقبلة، وذكرت عبر بيان في وقت سابق، ان أكثر من 28 مليون ناخب عراقي سيشاركون في الانتخابات النيابية المقبلة، فيما أشارت الى ان نسب المحدثين مازالت متدنية، مؤكدة مواصلة فرقها الجوالة جهودها لحث المواطنين على تحديث بياناتهم.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي حيدر عرب في تصريح لـ”المراقب العراقي”: إن “هناك تجارب ناجحة للمقاومة على مستوى المنطقة، فقد شاهدنا مشاركة حزب الله في الانتخابات اللبنانية وكيف حصل على نسبة عالية من الأصوات، وبالتالي هذه دعوة لأبناء المقاومة ان تكون مشاركتهم فاعلة، لأن العزوف يضيع حقوقهم”.
وأضاف عرب: أن “اليوم العراق بحاجة الى صعود قوى قادرة على إزاحة الفاسدين، وهذا لا يتحقق إلا عبر صناديق الاقتراع، وإلا فأن العزوف والمقاطعة ستبقيان الفاسدين في مناصبهم”.
وأشار الى ان “الجميع شاهد كيف أضرت القوى السياسية بالدولة وعكست صورة سلبية عن الديمقراطية، لذلك المشاركة والدخول بقوة في الانتخابات ضرورية لتغيير أوضاع البلاد”.
وأوضح عرب: ان “صعود أبناء المقاومة الى البرلمان سيضعف الفساد في مؤسسات الدولة، لأنه من غير الممكن ان يقدم من ضحّى بدمه وبأبنائه وبكل ما يملك من أجل الوطن، ان يسرق قوت المواطنين ويسلبهم حقوقهم، وبالتالي فأن المرحلة هي مرحلة المواطنين، واختيارهم هو من يحدد مستقبل البلاد خلال المرحلة المقبلة”.
لعل قرب قوى المقاومة الإسلامية من الجماهير تعد واحدة من نقاط القوة والجذب التي يمكن من خلالها تحقيق نتائج قوية خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، سيما وان جميع قادة المقاومة هم من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وهو ما يجعلهم قريبين من معاناة الشعب لأنهم مطلعون على أبرز مشاكلهم، وبالتالي تشريع قوانين تخدم المجتمع والطبقة المعدومة، وتسخر إمكانيات الدولة الى خدمة المواطن، بدلاً من الفوضى التي يشهدها العراق على الصُعد كافة.
ارتفاع أعداد المواطنين غير المحدثين لبياناتهم، رغم عدم وجود إحصائية دقيقة يكشف لغاية الآن، ان نسب المشاركة ستكون كعادتها متدنية، وان طبقة كبيرة من الشعب العراقي، لن تشارك في العملية الانتخابية المقررة نهاية العام الجاري، وبالتالي فأن هناك حاجة الى برامج انتخابية تداعب معاناة الجماهير وتعتمد الحقيقة أساساً لعملها، لتغيير النظرة السلبية عن العملية الانتخابية في العراق.



