“جمهورية الديك”.. بانوراما سينمائية عن حياة رجل طموح مصيره الإهمال

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
يرى الناقد ثائر البياتي أن رواية ” جمهورية الديك” ، للروائي جواد الكاتب تمثل حياة رجل ، طموح مثابر ، أنهى دراسته الجامعية ، حالما بمستقبل مغاير ، يحقق فيه الراحة والطمأنينة ، ويبني مكانته التي تليق به ، فلا يجد إلا الاهمال والتهميش.
وقال البياتي في قراءة نقدية خص بها “المراقب العراقي “: بدءًا هي رواية متكاملة، رواية نموذجية، العنوان اللافت ، كان فعلا ثريا للنص ، عنوان جاذب محفز للقراءة وأضاء عتبة الرواية ، تدعمه صورة الغلاف ، فالرسم يركز على الديك ، وهو المحور والعنصر المحرك لمفاصل الرواية ، وحذف رأس الرجل يفصح عن اندماج البطل والديك ، فما يعتمل في نفس البطل ، يُترجم إلى فعل يقوم به الديك ، والألوان تعبر عن تداخل وتشابك وتقاطع وارتباك سيل الأحداث ، والمواقف التي مر بها البطل ومرت به”.
وأضاف :إن” المؤلف يستحوذ على اهتمامنا ، ويأخذنا ببساطة ولطف ، ليدخلنا في تفاصيل حياة رجل ، طموح مثابر ، أنهى دراسته الجامعية ، حالما بمستقبل مغاير ، يحقق فيه الراحة والطمأنينة ، ويبني مكانته التي تليق به ، فلا يجد إلا الاهمال والتهميش وضياع أي أمل ، في تحقيق ما يصبو إليه ، وبعد هدر للجهد والوقت ، يكتشف – بالصدفة- عملا ، يدرأ عنه العوز ، ويبعد عنه غائلة الجوع ، تحفزه على هذا العمل ، آية قرآنية معلقة على جدار المكان الصغير ، الذي ساقته الصدفة ليجلس فيه ، وهي آية تدعو للتوكل على الله تعالى ، وشد العزم للعمل ، فتبدأ رحلة حياته “.
وتابع :إن” المؤلف يصف لنا ببراعة المحترف ، التفاصيل بدقة و وضوح ، للأماكن والأشخاص ، ويسرد الأحداث بسلاسة وتشويق مستمر ، فمثلا ، لا يكشف لنا سر ( ميرتا ) إلا في الصفحة ١٥٧ ، ولا ما حل بـ ( لمعان ) إلا في الصفحة ٢٢٠ ، بخطين متكاملين ، أفقيا بتسلسل الأحداث والمواقف ، وتصاعدها وتناميها ، وعموديا بسبر دواخل واختلاجات نفوس الشخصيات ، وما يترتب عليها من ردود أفعال ، وانعكاسات ونتائج”.
وواصل : إن “الروائي جواد الكاتب أراد لروايته هذه ، أن تكون درسا مجانيا لفن كتابة الرواية ، ونموذجا يُحتذى للرواية متعددة الأصوات ، بأسلوب سهل ممتنع ، لا تعقيد فيه إلا أنه صعب التقليد ، والرواية مفعمة بالإشارات والتلميحات ، مثلا ، المولود (ربيع) ، الطفل الذي ولد في خضم القهر والمعاناة ، وحتى الاسم جاء باختيار صائب جدا ،اسمه يفتح بابا لمستقبل أجمل وأفضل ، ودليل على ديمومة الحياة وقوتها”.
وأشار إلى أن” الرواية أيضا ، مفعمة بتقاطع المصالح ، وهيمنة المتلونين وانتهازهم الفرص للكسب ، بشتى الطرق بلا وازع من حرام أو ضمير ، وتعرية النفوس المريضة ، التي لا تتوانى عن ارتكاب الفواحش والشذوذ ، بكل أشكاله ، والمتوحشة التي تخلق الفتن ، وتثير النعرات ، وتقتل ببرود ، وشخصيات مختلة نفسيا ، تضمر الشر والعداء ، وتوقع انتقامها على الشرفاء ،وفي نفس الوقت تتذلل حد الاستسلام التام ، للطغاة والمجرمين”.
وأكمل :إن” المؤلف يفتح لنا ، في هذه الرواية ، أبوابا ودهاليز ، حقيقية من الواقع ، لكنها مستترة ومخفية ، من الصعب الاطلاع عليها ، إلا باقتحامها والعيش في دوامتها ، وهذا ما نجح فيه المؤلف بجدارة” .
ولفت الى أن الرواية” هي أيضا معاصرة ، تأخذ بنظر الاعتبار ، المشاغل وضيق الوقت ، فلم تتجاوز الـ ٢٣٣ صفحة ، مع أنها من القطع الكبير ، في الرواية جهد كبير ومسعى نبيل ، لكشف واستنكار الجور ، والتهميش والاهمال ، الذي يكتنف حياة البسطاء الشرفاء ، وفي الفصل الأخير ، تتحول الرواية ، إلى بانوراما سينمائية ، رمزية مفتوحة النهاية ، بمشهد مسيرة الجماهير المحتجة ، تتصدرهم ( ميرتا) ، وهذا بالتأكيد ، بتأثير تخصص الأستاذ ( جواد الكاتب ) ، بالإخراج السينمائي ، مما أعطى للرواية ، زخما زادها سموا”.
وختم : من المعلوم أن شخصية المؤلف تتطابق مع أسلوبه في الكتابة ، وهذا ما نجده واضحا ، في رواية ( جمهورية الديك )، بصدقها وعمقها ومفاهيمها النبيلة ، بسلاسة وأناقة ، تتطابق مع صدق ونبل وبساطة مؤلفها” .