اخر الأخبارتقارير خاصةثقافيةسلايدر

منحوتات علي نوري “وحوش” تجسد الصراع الإنساني والوجودي

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي

يرى الناقد علي سهيل، إن منحوتات التشكيلي علي نوري، تعد تجسيداً للصراع الإنساني والوجودي، وهي تعبّر عن التجارب الإنسانية غير المصفاة والحقائق الوجودية، مما يمنحها بعداً فلسفياً وجمالياً يتجاوز السطح المادي للنحت.

وقال سهيل في قراءة نقدية خصَّ بها “المراقب العراقي”: “عند دخولنا إلى معرض علي نوري، برزت في ذهني مقولة الناقد الفني لويس فوكسل الشهيرة: “دوناتيلو بين الوحوش”، إذ بدت وكأنها تنطبق تمامًا على ما عرض أمامنا تأكدت هذه المقولة بصورة أكبر عند مشاهدة العمل البرونزي في هذا المعرض والموجود في المنشور أدناه، حين أيقنت بأن علي نوري، بالفعل، هو “بين الوحوش”، أي بين الحجر والبرونز، وكأن هذه المواد هي الوحوش التي يخوض معها الفنان حوارًا فنيًا واستكشافًا عميقًا لعلاقة المادة بالشكل والمعنى، حيث استخدمها الفنان بأساليب فنية مبتكرة تجسد الصراع الإنساني والوجودي من خلال هذه الأعمال، أثارت تأملات حول الوجود والطبيعة البشرية، من خلال الأشكال المتجردة والمتشوهة، مما يدفعنا لإعادة النظر في تصوراتنا عن الجسد الإنساني وحدود الفن، من خلال قراءة نقدية معمقة تتناول محاور متعلقة بالمادة والتقنية وإطارها المفاهيمي ورموزها بالنسبة للمادة، تتمتع بتأريخ طويل في فن النحت وتحمل دلالات رمزية قوية.

وأضاف: ان “البرونز، بمرونته وقدرته على التقاط التفاصيل الدقيقة، منح الفنان الفرصة للتعبير عن الملامس والخشونة، وهو ما يتجلى بوضوح في السطح الخام للتمثال الأول، الذي يبدو كأنه يحمل ملمسًا بدائيًا يوحي بشيء من الوحشية أو الحالة الوجودية غير المكتملة، أما الحجر فيتميز بطبيعته الجامدة وصلابته، مما يرمز إلى الديمومة والاستمرارية، ومع ذلك، يتحدى علي نوري هذه الصفة الثابتة من خلال تحويل الحجر إلى أشكال ديناميكية تنبض بالحركة والانسيابية، كما يتضح في التمثال الثاني، الذي يجسد جسدًا في حالة حركة مستمرة أو صراع بين السكون والاندفاع”.

وتابع: “وهذا ما أضفى عليها طابعًا وجوديًا قد يعكس جوانب متعددة من الطبيعة البشرية، كما في التمثال الأول الذي اتخذ طابعًا بدائيًا وتجريديًا، حيث يمكن تفسيره كرمز للكائنات البدائية أو الكيانات الوجودية التي تعكس صراع الإنسان مع ذاته أو مع محيطه وفي القطعة الثانية، يأخذ الشكل منحى أكثر دقة وتفصيلاً، حيث يصور جسداً منحنياً يعيش توتراً بين الاسترخاء والجهد، مما يعكس التناقضات التي نواجها في حياتنا”.

وأوضح: “أما التمثال الثالث، فيكسر التوقعات التقليدية بتقديم شكل مقلوب، حيث تتجه قدماه نحو الأعلى، مما يثير تساؤلات حول التوازن والجاذبية والهشاشة التي تميز الجسد البشري من منظور مفهومي، وهذا يقودنا إلى العديد من النظريات الفنية، أبرزها الوجودية، التي قد تفسر الملمس الخام وغير المتناسق كرمز للحالة الإنسانية المليئة بالمعاناة والصمود والتحول المستمر”.

وأكمل: إن “هذه النظريات لدى علي نوري، أدت إلى إنشاء حوار معقد بين المادة والشكل والمعنى، حيث يعكس التفاعل بين الحجر والبرونز توازناً هشاً بين الديمومة والهشاشة، وبين التجريد والواقعية. وهذا يطرح تحدياً لنا وللمتلقين للتأمل في تصورات الفنان حول الجسد البشري وإمكاناته الرمزية، مما يستدعي إعادة تقييم المنجز الفني، ويعزز تفسيرات تتراوح بين الشخصي والكوني، ويمكن اعتبار هذه الأشكال بمثابة “وحوش” تعبر عن التجارب الإنسانية غير المصفاة والحقائق الوجودية، مما يمنحها بعداً فلسفياً وجمالياً يتجاوز السطح المادي للنحت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى