منطق الإنصاف

علي حنون..
لا ريب أنَّ الاحتكام إلى قرار بعينه لاسيما عندما تختلط الأوراق في أروقة مفاهيم تندرج في خانة عدم الاتفاق عليها، غالباً ما يكون غير واضح وربما يُؤسس إلى بناء في جانب اتخاذ القرار بعد ذلك، اعتماداً على تفاصيل رؤية غير رصينة وبالنتيجة فإنَّ ما يُشيّد استناداً إلى ما تقدم، يكون معرّضاً باستمرار إلى خطر الإزالة والركون إلى أمر بعيد عن المتوقع، والذي جئنا عليه في سبيل عدم الاتفاق بين أعضاء الهيآت الإدارية للأندية على تسمية الوجوه التدريبية بعدما تعتقد أنه دون سواه من يتحمل تبعات الإخفاق مع أنها في جل الأحوال عندما تأتي النتائج إيجابية لفرقها تتقاسم (غنيمة) الانتصار مع المدرب وبقية أعضاء أسرة الفريق، وتسعى لتسويق الجهد المبذول لمصلحتها.
وأخال أنَّ قرار تحميل المدرب وحده نتائج الهفوات، فيه العديد من أوجه التفكير غير السوي، ذلك أنَّ لمعادلة كرة القدم أكثر من كفة تتعادل جميعها في ثقل المسؤولية، فهناك وزر الإدارة الذي يتجلى في تيسير مهمة إعداد الفريق وتقديم الدعم اللوجستي للكادر التدريبي والتشكيلة من أجل الشروع في تنفيذ فلسفة إعداد أمثل، فضلاً عن اختيار المدير الفني الذي تعتقد فيه جوانب مميزة في فن التدريب تنسجم وتطلعاتها، بينما تقع على عاتق المدرب مسؤولية اختيار الوجوه الأفضل التي يمكن أن تقود الفريق لإصابة الجيد من النتائج، بالإضافة إلى رسم الخطوط العامة والخاصة لأداء قائمته خلال المباريات، وهذه من أبجديات المسؤوليات التي يفقهها الجميع. ورغم أنَّ الذي تطرقنا إليه أصبح، بحكم شيوع الثقافة الكروية، من المُسلمات، التي يدركها حتى الذي يُلم بالبسيط من المعلومة، إلا أنَّ بعض إدارات الأندية تتعمد الابتعاد عن إدراكه، وبينها أعضاء يقفون على إصرار غريب بأنَّ المدرب ينبغي أن يكون الحلقة الأقرب للاستغناء عنها في سلسلة المسؤولين عن الفريق في حال الإخفاق، واعتباره، دوما، موطن الوهن، الذي يُصيب القائمة بمقتل وبالتالي، فإنَّ عليه تقديم كشف حساب عن أسباب التعثر رغم أنهم في (بواطن) تفكيرهم يقرون أنَّ الأخير لا يُمكن أن يكون في كل الأحوال المُتصدي وحده، للمسؤولية. واليقين يذهب باتجاه أنَّ لجوء بعض الهيآت الإدارية لموضوعة تحميل المدرب وزر كل خسارة، إنما يعكس (خواء الرؤية) التي من نتيجتها ركونها باستمرار إلى القرار غير الصائب، الذي تعتمد من خلاله أسماء تدريبية في الأوقات غير المناسبة وهو ما يُولد عنه جملة من القرارات غير الموضوعية ومنها الاستغناء عن المدرب عند تكرار الإخفاق، وفي غالب الأحيان يبتعد قرار الإدارة في هذا الشأن عن شاطئ الواقع ويقترب من ضفة محاولة التكفير عن سلوكها في تحميل المدرب دون غيره تبعات الخسارة، ذلك أنها بعدم مساندتها للفريق، وكذلك اللاعبون يتحملون جزءاً من التبعات السلبية، عند فشلهم في ترجمة الأسلوب، الذي يُرسم لهم خلال المُواجهات، ويكون لهم نصيب من المسؤولية، ولطالما كان الانتصار له أكثر من أب، فإنَّ من الإنصاف أن تقف تحت مظلة الخسارة جميع الأطراف، التي تُشكل أركان كرة القدم.